الجمعة، 9 أبريل 2010

حدائق الملك




حــدائق الملك - المقصود بـ حدائق الملك = سجـون الملك -
فاطمة أوفقيــر


قبل دقائق انتهيت من قراءة كتاب السيـرة " حدائق الملك " و الذي تكتبه فاطمة اوفقير .. والدة صاحبة كتاب السجينة السجينة " مليكة اوفقيرة " و زوجة الجنرال الشهير محمد اوفقير.
وقفت في المعرض امام كتبهم جميعاً .. كتاب الأم و الإبنة مليكة و الإبنة سكينة .. و شـدني فضول عميق لـ معرفة الأم عن قرب و قراءة سيرة الألم على لسانها هي ،و من قلمها هي تحديداً ...
:
لدي الكثير الكثير عما أريد قوله عن هذا الكتاب ..
كتاب يختزل قصة عمــر و خبــرة حياة كاملة ، يحمل خلاصة سنوات من التأمل و الإنتظار و الألم ...
و مقاساة كل ما يحدث خلف الكواليس و كل ما يحدث بعيداً جداً عن الحياة الطبيعية ..
تعلمت من هذا الكتاب .. كيف تكون المرأة وفيـة لـ زوجها و وفيـة لـ عمرها مع زوجها
علمتني فاطمة ذلك بالرغم من حديثها بـ شكل سافر عن علاقتها الغرامية بالضابط الذي أحبّها و اقتحم حياتها .
رغم كل شيء ، دافعت عن زوجـها بـ حياد .. دون زيادة أو نقصان ، ذكرت تفاصيل حياتهم و أدلة برائته من كل التهم الملفقة ضـده
و كتبت في مشهد مهيب .. كيف تقدم ذلك الجنرال إلى موته بـ كل شجاعة .. كـ رجل لا يهاب شيئاً و يعرف جيداً كل خطوة يقدم عليها.
تعلّمت كيف تخاف المرأة على اولادها و تمنحهم كل ما في الإمكان .. حتى في أضيق و أمـرّ ظروف العيش
الصبــر .. و أشياء كثيرة .. مما أدهشني و تواصل مع أفكار نائمـة بداخلي ، كانت فقط بحاجة لمن يوقظها و يؤكدها
تعلمت منها الكبـرياء على حقيقته .. و الشجاعـة ...
و الوقوف بإنتصاب أمام العـدو ، و أمام من يكرهوننا دون سبب و دون ذنب اقترفناه .
أثناء حديثها عن حياتها الأولى في القصور و سنوات زواجها الاولى كنت أنتظر المزيد و المزيد من التفاصيل و الوصف
رغم أن وصفها كان كافياً تماماً ، إلا أنني كنت على ما يبدو متأثرة بإسلوب الروايات ... و طريقة الوصف و الحرص على التفاصيل المستخدمة فيها .. ثم عدت و تذكرت انه كتاب سيـرة ذاتية و ليس مجرد رواية أو قصة .
كانت البداية بطيئة ... ثم ما أن مرت السنوات و الصفحات .. و وقعت المصيبة التي أدت إلى محنتهم فيما بعد
حتى أصبحت الصفحات تجري بين يدي .. و الأحداث تتلاحق و تزاحم أنفاسي .

شعرت بـ رطوبة السجن و ظلامه .. شعرت بآلامهم و مرارة الإنتظار بلا أمل ! مررت معهم بـ كل شيء .
الترجمة رائعة و المفردات منتقاة بـ عناية و ذلك يرجع بالتأكيد للكتاب المتقنة للأم .. و صاحبة الكتاب
قبل أن أنقل لكم بعض المقاطع المختارة التي أثرت بي بشـدة .. يجب أن أنوه بأنه كتاب يستحق الكتابة ..و أنه كتاب غني جداً
يستحق أن يحتل جزءاً من وقتكم :)
قراءة ممتــعة للجميع .
:
- .... جائنا مدير الشرطة، متعجرفاً و مكفهر الوجه ، و قد تغيرت معاملته و نظرته لنا . هذه هي حال الدنيا : و وحدهم من عاشوا لحظاتٍ كتلك التي عشتها يعرفون جوهر النفس البشرية .
- لا يمكن تصور عدد الأفكار التي تراود ذهن المرء حينما يحرم من كل شيء . إنه أمرٌ مدهش . أعتقد أن البشرية ارتقت بهذه الطريقة . فحينما يعدم الإنسان كل شيء ، تبقى له المخيّلة .
- أدركت أن هناك ظروفاً أفظع من ظروفنا، و لكنني كنت أقول في نفسي بشكل خاص أن أي فاعلية مهما صغرت أقل هولاً من العجز و الخمول . فخضوع المرء بلا مقاومة و بلا عمل ، و استسلامه ذاتياً يقوده إلى الفوضى و الغموض و ضعف القدرة على التدبير و التصرف.
- أزعجني ذلك الإحساس " إحساس الجوع " بإفقاري على كل المستويات من خلال تقنين الغذاء و الحرمان من المطالعة و أحزنني بشدة. كنت أخشى الإنحطاط معنوياً و عقلياً ، فـ مع الجوع يخبو الخيال و يذبل الجانب الروحي . و مع ذلك ، و على الرغم من العوز حاولت الاحتفاظ بكبريائي ,,,, كنت أعلم اولادي أن الشخصيات التي استطاعت أن تحقق انجازات عظيمة في حياتها كانت شخصيات عانت الجوع و الإملاق : كان الانبياء و الحكماء العظام لا يأكلون إلا القليل .
- و تتحدث عن إضرابها الذي استمر 43 يوم إعتراضاً على ظروف السجن القاهرة المريرة ، تلك المدة معجزة حقيقية بالنسبة لي !! تقول :
خلال 43 يوماً لم احلم سوى بمأكولات لذيذة و روائح ذكية. كنت قد برمجت ذلك الاضراب، و لا شك أن جسدي توافق مع قراري . من جهة اخرى بعد مضي 3 ايام لم اعد اشعر بالجوع ، فكنت اهذي و آكل افتراضياً و لا أحلم سوى بأطباق من الطعام المطهو . و كان ذلك امر غريباً جداً . حقاً لا يمكن معرفة النفس البشرية ، و لا يمكن معرفة تصرفها قبل مواجهة الموقف .
رأيت كيف يمكن للمرء ان يقاوم و يحتمل كل تلك الأيام ، و كيف تنبعث الإرادة و الرغبة و شهوة الحياة كيلا يموت المرء ببلاهة و انقياد .
- و تتحدث عن قطعتي البرتقال التي قامت بإكلهما بعد ذلك الإنقطاع الطويل لإيقاف نزيف لثتها ، تقول :
كانت قطعتا البرتقال تلك بالنسبة لي بمثابة فاكهة الجنة ، كانتا شيئاً مدهشاً و مذهلاً ، كانتا الطعام الألذ نكهةً في الدنيا .
" و لم تتناول البرتقال بعدها كي لا تفقد ذلك الطعم الاستثنائي على حد قولها ." :)
- كنا نمضي أياماً كاملة في التأمل داخل عزلتنا . لم يكن هناك ما نتلهى به ، كانت تسليتنا الوحيدة خيالنا الخاص . كنا نستطيع أن نتوه بحرية في رؤوسنا ، و نعد مشاريع كبيرة . لم يكن بوسع أحد أن يردعنا ، و لم تكن أية عقبة تعترض أفكارنا . بطريقة ما ، كنا أحراراً أكثر من الناس في الخارج .
- الآن أعرف ، أن لا الفساتين و لا التبرج و لا السهرات و لا الحفلات الراقصة هي ما تبرر وجودنا الزائل في هذه الدنيا. على العكس من ذلك ، إن العناء و الألم يتيحان للكائن أن يحكم على نفسه و يقدرها و كأن صوتاً خفيضاً يهمس ، حتى وسط الرعب ، في أذنه : هل انت جدير بالاحتقار أم أنك فعلاً تستحق الاحترام ؟!
- أنا مسلمة أكثر من أي شخص آخر ، و أنا وطنية أكثر من اي شخص كان . و بقيت مغالية في محبة بلدي . لا يمكن لأحد ان ينظر في وجهي و يتهمني بالفساد . أشعر أنني حرة و صالحة . يمكنني أن أتكلم و أقول ما في قلبي لأي كان .
- لا أريد غير السلام و الطمأنينة .
- قتلت الحياة سذاجتي . و عرفت بعمق طبيعة الكائن البشري و مظاهر حياته المختلفة
:)
طويت من الصفحات .. أكثر مما نقلت لكم هنا
و لكن متعة قراءة الكتاب .. تفوق بالتأكيد متعة القراءة المبتورة هنا :)
جمعة سعيدة للجميع
و كونواً سعداء بالبساطة :)

الأم و مليكة

محبتي للجميع

:

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

شكراً على القراءة البسيطة الممتعة .

دائماً الكتاب يكون الفيّصل . الحقائق تكون أكثر صدقاً حينما تنبعث من كتاب يخترق القلب ، ويشذب الأبدان .
هذا ما وصلني من وصفك بكونه سيرة ذاتيه ممتعة . ربما هناك الكثير من الروايات تجسد سيّر ذاتيه ، لكننا كمتلقيين لا ندرك هذا ، فنتلقاه كرواية .
أما أن تشعري بما يشبه مذكرة .. رواية ، فهو لأمر محفز للقراءة .

أعتقد أن القهر والألم يفجر الإبداع .. يفرغ مخزون المشاعر والحس الإنساني .

ها أنا أشعر من قراءتكِ بهذا .. فكيف سيكون الكتاب ؟

شكراً صديقتي المبدعة .. سارة .

may يقول...

كل الشكر لهذا العرض الممتع للكتاب..

مشاعرك الصادقة تجاه الأحداث شعرت بها أثناء قراءتي لسطورك..

شكرا بحجم السماء..

Princess Sarah يقول...

كل الشكر و التقدير
لمروركم و تواجدكم

محبتي :)

:

AM.SA.CHANNEL يقول...

كرهت السياسة بسبب كتب عائلة أو فقير، فعندما قرأت لرواية إبنتها ملكية، تأثرت بها كثيرا، و لم أكن أحس بالنعمة اللي أنا عليها، حتى البيض كنت أسرح فيه عندما أراه على طاولة الصباح، فنحن نأكله أبيض و هم أسود.. و عندما أكملت القصة، كنت دائما ما أتذكرهم كيف إحتموا هذه المدة كلها 20 عاما الشاب أصبح عجوزا و الصغير أصبح شابا و المراهق أصبح يقارب ال 40 .. قصة مأساااااوية، لعائلة لا ذنب لها..