الأربعاء، 29 يوليو 2009

شـــروق شمس .. و غيـــاب أخرى ....

ربما لا يعلم هذا الصغيــر " عمراً " اني سأنشر صورته على الانترنت يوم التقطتها
و لكني .. لم اجد وقتها فرصة مناسبة للحديث عن الصورة
و عنه .. و لكن .. ها هي المناسبة اليوم تأتي .. بدون دعوة .

شعرت للتو .. بأنه يمكنني الربط .. بين شخصين .. ملهميــــن
تشع الحـــدّة و الطموح من عينيـــهما

لا تربطني بهم أي علاقة
كان لقائي بكلاهما صدفة بحتــــه .. ربما هذا فقط ما يربطهم ببعض .
لا اعرف عنهم الكثير
سوى .. الــ 20 دقيقة التي جلستها مع الأول
و الــ 45 دقيقة التي جلستها مع الآخـــر

:

اعتقــدت يوماً .. بأن لي نظـــرة في الاشخاص لا تخيب
ليس دائما .. و لكنها غالباً كذلك ...
و شكراً للأيام التي تدعم هذه الفكرة أكثر بداخلي ، لاني سأحققــها .. اذا آمنت فيها فقط
يوماً بعد يوم .. يزداد اهتمامي بالعلاقات البشرية ، و بالرغم من أني لا املك شهادة اعلقها على حائط .. تؤهلني للحديث
بثقــة .. و جزم ...

الاّ اني اؤمن بتحليلي .. بنسبة لا بأس فيها ، لا سيما و انه يأتي بعد تفكير مجهـــد
و اؤمــن بأني اذا سعيت لــ جذب شيء .. فأنني سأمتلكه يوماً ما .. و يوماً ما .. سأمتلك تلك القدرة على النظر بعمق للعلاقات الانسانية.

و اهتمامي بتلك العلاقات .. يأتي من اهتمامي بالانســان نفسه
فــ تجدني جالسة في احد الاماكن العامة .. او في احد الاسواق .. على كرسي من كراسي الاستراحة
انتقل بنظراتي بين هذا .. و تلك ...
ذلك المراهق
الى هذا الكهل .. الى تلك الام الحائرة بأبنتها !!


مع حرصي ان اضع ستاراً على نظراتي بالطبع .. كي لا تكون وقحة و مزعجة
فلا تأتي الافادة من ازعاج الناس طبــعاً ...

و في أي مشهــد .. قد تجدني متأملة
سواء في الكافية .. بين ارفف المحل .. امام كابينة المطعم .. في احد الممرات
و اعرف ان تلك الدقائق الموزعة بدقة في تأمل الانسان .. لن تضيع سدى
و انا بأنتظار النتيجة .

:


لم اصل الى الآن لمرحلة التعلق بشخصية من المرة الاولى
و لا الحكم على شخصية تختبئ خلف صمتها ..


ما زلت تائهــة .. في هذا الملكوت العظيم
بين اعداد البشــر الهائلة
بين العلوم الكثيـــرة .. و الاشياء التي لا تعد و لا تحصى


و بين الاشيــاء التي احبها .. و التي تمتاز ايضاً بفروع عديدة .. اعجز عن تذكرها دفعة واحدة.

:


التقيت محمد .. في احد الورش الصيفية ..
للرسم .


توزعت الاقلام الملونة في الكؤوس على الطاولات .. بمختلف الالوان .. و الاحجام و الاطوال و الانواع
و انتــشر الاطفال هنا و هناك .. مرتدين المعاطف البيضاء للمحافظة على نظافة ملابسهم


منهمكين .. في الاشغال اليدوية .. و التلوين و الرسم ...
دخلت بين ازدحامهم .. بقامتي الكبيرة قياساً بأحجامهم اللطيفة


بحثاً عن اختى الصغيرة ، وجدتها .. كعادتها مستمتعة بوقتها ، في هذا النشاط الطفولي
انحنيت لها .. و انا احثها على القيــام .. رفضت
امسكت بيدها .. فــ طالبتني بالبقاء


احرجت من المساحة الكبيرة التي شغلتها عن الاطفال بأنحنائي .. و كم أكره المتطفلين !
خاصة المتطفلين على هذه المخلوقات الصغيــرة .. فامتدت يدي تسحب الكرسي الصغير القريب
و جلست بجابنها اراقب تلوينها الفوضوي ...


اهمس لها : يلا قومي .. ماما تنطر ...
ترد : مابي ابي اقعد

تضيع حروفها المتعثرة في ثرثرة الاطفال حولنا .. فا اقول : شنو ..!
يرد نيابة عنها ، بينما ما يزال منشغلاً في تلوين النخلة امامه : تقول لج تبي تقعد ...

ابتسم .. : اووه . اي ما سمعتها :>
و اخفضت رأسي ...

ثوان معدودة .. ثم داهمني سؤاله : تروح المدرسة ..؟
أهم بالرد عليه ، يصرخ ولد بجانبي ايضاً : دي ما بتعرفش تلون !!
نعم @@ .. فيكمل : بصي عاملة ايه بالالوان
اضحك و ارد عليه : اسمك ايه ؟
يرد : سامح ...

اعود لسؤاله : لا .. ما تروح المدرسة .. صغيرة ^-^

:

تقريباً هذا كل ما اذكره من حوارنا المتبادل، لكني سأظل اذكر .. الشعور الرائع الذي تركه هذا الولد في نفسي في تلك اللحظة
بأسئلته الصغيرة .. و اسفساراته اللطيفة ، و كلامه البسيط عن حبه للرسم و اشتراكه بالعديد من الاندية ، و حبه للمدرسة ...

شعرت بأننا يمكن ان ننتظر شيئاً من الاجيــال القادمة ، بأمكاننا ان ننتظر احلامهم تتحقق
و تعمــر ما تبقى من مساحات هذا الكون .. الذي ضاق بنـــا .. و بكوارثنا و احباطاتنا و هزائمنــا و جراحنا .. و و و ...
ليست نظرة متشائمة ، بل هو اعتقاد فرضه الواقع علينـا
و ما اتمناه من كل قلبي بخصوص الواقع التعيس ، هو ان اكون مخطئة .. أو انظر لنصف الكأس الفارغ !



شعرت ايضاً .. بأننا سنرى " رجالاً " في المستقبل
و اتمنى ان ارى مثل محمد .. الكثير من الفتيات ايضاً .. نساء المستقبل .



جميلة تلك الحدة في عينيه
و الاشراقة فيها ...
و الاجمل .. ما تركه في نفسي من أثــر ..


و بارك الله فيك ، فقد رأيت بين عينيك .. شروق شمس جديدة ...

:


بعـــد أيام كثيـــرة
كنت امسك بيد اختي الصغيرة .. و اخي ...
ارافقهم لــ حضور عرض سينمائي .


جلست على الكرسي .. و كانت الساعة تشير الى الثالثة و النصف عصراً

تخلو السينما ، الاّ منــّا
دخلت سريعاً .. بأجوائي التي احملها معي .. في حقيبتي
و الحمدلله كانت الصغيرة هادئة يومها .


ابتدأ العرض .. فأنتثرت مع المشهد الاول لرمال الصحراء المتنقلة دائماً
ثم سمــاء تغطيها عباءة الليل .. و تنتثر في نجوم لامعة .. و قمر يزينها ...
يظهرون أناس من عصــرٍ آخر .. عصر مضى ، بأيامه و اهله .. و ترك لنا تاريخــه .. ارثنــا الجميل


...الذي نرويه اساطيــر خلابة .. و سيــوفاً بارقة .. و عباءات تتوارى خلفها نساءٌ رائعات لا نشبههن
و طيوراً خرافية .. كانت تحمل الناس على اجنحتها الهائلة الحجم و القوة ...
و خيــولاً رائعة الجمال .. فائقة السرعة و القــوة .. ترتحل بهم الى كل ارجاء الدنيــا


و قصــائد تعلقت بها قلوبنا
فسحاتٌ و آفاق سماوية .. تأخذنا الى الحلم .. كالذي يسرقنا كل ليلة...


...

و كنت قـد انتقلت فعلاً لتلك الحالة ...

كان هو بطلاً رئيسياً بحق ، يستحق أن يكون بطلاً ... برغم الـ 45 دقيقة التي تنقص من متعة الفلم
الذي تمنيت أن يستمر أكثر ...


* شمس الدين زينون *
عرفت أسمه في نهاية الفيلم ، في التتر الذي يظهر في النهاية ...

ما لبثت ان اتنـــهد بعمق
محاولة ان اتنشق كل لحظة ممتعة قضيتها في هذا العرض الخلاّب ...


حتى فجعت ...!!!


و تناقصت نشوتي .. حتى لم يتبقى منها الاّ الشيء القليل
بالتأكيد لا يشبه احد منهما الآخر

و لكنها .. ذات الحدّة
ذات النظرة .. المتسعة . الثابتة ... الحقيقيـــة

ذات الاثــر الجميل
و الانطباع المختلف ...


ذات الالهام .. تسببا به .. كلاهما ..!


:

وجدت المعلومات شحيحة ، عندما كتبت اسمه في محركات البحث


كان مخرجاً
و ممثلاً
و معلماً للرقص
حديث السن .. ولد في 11- نوفمبر- 1980

:
و رحــل ..
في 11-نوفمبر-2008
في كازبلانكا .. المغرب - مسقط رأسه .
يا للقـــدر
ما زلت اتعرف على هذا الشيء ..
الذي لم افهم تماماً الى اليوم .. كيف تعمل هذه القوى الكونية !!
:
لديه العديد من الافلام
لم ارى منها .. سوى الرحلة الى مكة -الرحالة ابن بطوطة

:

غاب شمس ..

قبل ان يشاهد اداؤه ، و الذي كان سيفتح له ابواب النجومية .. كأول فيلم من بطولته

و قبل ان تبدأ عمليات المونتاج ، لهذا الفيلم الذي استغرق الاعداد له و تصويره .. 4 سنوات ، هو الذي ترعرع في اسرة فنية

و تجري في عروقه دماء مغربية اصيلة .. و سكنت اليه موهبة .. غابت بغياب صاحبها قبل أن تثري الفن .

:

شمس ...

انتهت القصة

:

( اعمل لدنيــاك كأنك تعيش ابداً ... و اعمل لآخرتك .. كأنك تموت غداً )

هناك 8 تعليقات:

Zukashi يقول...

أنا بنتقل للشق الثـاني من الموضوع مع علمي إن الشق الأول هو الأهم لج

أعجبت كثيراً بسردج لبادية الفلم بالسينما و الشرح التصويري الرائع و بدون لا أكمل و أشوف بوستر الفلم عرفت إن الفلم هو " رحلة بن بطوطه "

أنا مثلج تفاجأة بعد نهاية الفلم و أول شيء سويــته دزيـت مسج حق " أنوبيس " نواف و قلت له شلون مات

و قال لي السالفه :)


بالنسبة للشق الأول

ما عندي أي تعليق سوى ان الاطفال جميل عالمهم و لكن أعتقد أنهم يحبون العيش به بدون أي تدخل من العالم الخارجي

الأجيال في تحسن مستمر برأيي

Princess Sarah يقول...

بالعكس .. الشق الثاني اهو الاهم بالنسبة لي
بالرغم من اني ما كتبت عن هالشخصية الاّ القليل ، و لكني بالفعل لا اعرف الا القليل .. تمنيت اعرف اكثر ... لكن !
الشق الثاني هو الاحدث ...و نفس الشي سويته
سألت انوبيس : ليش مات !@@ .. " استغفر الله ".

و بالنسبة لتعليقك على موضوع الاطفال ، فـ اوافقك الراي ...

نورت يا سيفين

7osen يقول...

بوووست مميز انا حبيت الجزء الأول منه والكلام عن الأطفال وعالمهما العفوي البريء

جميل جداً أن نراهم وهم في أكثر الأوضاع حقيقية عندما يعبرون عن أرائهم وميولهم بكل شفافية

الأطفال عالم من الصدق و البراءة


بالنسبة للفيلم حقيقة لم أشاهده
لذلك ربما لا أجد ما أقوله

لكن الموت دائماً يأتي دون سبب معين
لأنه حق والحق يأتي في الوقت المناسب


تحياتي لج عزيزتي

أسلوب جميل ومبدع

sliwa يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
sliwa يقول...

ترابط أفكارك رائع أخييه ..

وعنوان أروع ..

شقين متشاققين لا أشقاء ! تصوير جميل جدا لعالم مبدعون الغد .. وغياب لابد له لـ شمس كانت بالأمس رغم إني لم أتابع أيا مما ذكرتيه ,, لكنني بالطبع سأحرص على متابعته !

أثق بإختياراتك ساره

إستمري بنفس التحدي والقوة المستوحاه من الشمس ;)

Princess Sarah يقول...

شكراً لمرورج الرائع سليوا ...
سعيدة بوجودج :)

خديجة البهاويد يقول...

انعكاس

استطيع ان اعلق تعليقا بسيطا يختصر كل المشاعر والخيالات التي تملكتني وانا اقرأ هذا التعبير الرائع عن المشاعر الانسانية
لكني ترددت يوما كاملا عن سطر تعليقي لشعوري بانتقاص حق كلماتك المبدعة

كل ماجال بخاطرك من تفكير واستنتاج افعال وردود افعال بشرية من حولك
وكل نظرات الطفولة تلك التي وقعت بفضول بريء على اشياء داعبت نبض الدهشة بداخلك
كل ذلك .. كون اسلوبا مميزا واسطولا من الكلمات البسيطة الرائعة التي تعبر اكثر بكثير عما تعنينه بالضبط من الكلمات القوية ذات قوائم تفسير بالمنجد
اهنئك على روعة تعبيرك
والى الامام ان شاء الله ^_^

blue legend يقول...

الى الامام يا انعكاس